وصلتنى رسالة مهمة من د. رضا طه، الأستاذ المساعد بكلية علوم الفيوم، يحكى فيها عن مهازل الانتداب للتدريس فى جامعات الأقاليم والجامعات الحديثة، يقول د. رضا: أريد أن أتناول موضوع الانتدابات الخاصة بأعضاء هيئة التدريس فى الجامعات الحكومية، وخاصة الحديثة منها والتى ينقص بعض كلياتها هيئة تدريس فى تخصصات عديدة وهامة أو يسافر الموجودون بها لدول الخليج للإعارة، وعادة ومراراً تحاول الأقسام التى لديها عجز، لكن ونظراً لتدنى المقابل المادى نظير الانتداب يمتنع غالبية الأساتذة المتخصصين، سواء من نفس الجامعة أو من جامعات أخرى عن تلبية رغبة الأقسام، مثلاً يتم صرف مبلغ أقل من 90 جنيهاً نظير ساعتين «نظرى» أسبوعياً طوال تيرم كامل، بالإضافة إلى الإشراف على الحصص العملية إذا كان المقرر له «عملى»، ويبدو أن ذلك تطبيق لبنود صرف قديمة جداً كان وقتها الجنيه له شأن آخر، طبعاً امتناع الأساتذة المتخصصين عن الانتدابات يجعل الأقسام التى بها عجز تسند تدريس هذه المقررات لغير المتخصصين من أعضاء هيئة التدريس بالقسم أو تستعين بالأساتذة الأجلاء من الهيئات البحثية والذين غالباً، ونظراً لتفرغهم طوال الوقت فى الأبحاث، يكونون قد بعدوا بعض الشىء عن أساسيات بعض العلوم لعدم الممارسة، وفى بعض الأحيان يظل الطلبة بدون أستاذ فترة طويلة من التيرم، وإذا وافق أحد الأساتذة على الانتداب فى الوقت المتبقى يضطر لتقليص محتوى المقرر بشكل قد يخل بالأساسيات فى هذا العلم، وعن تجربة وأنا بانتظار الباص الخاص بجامعتى باكراً أمام البوابة الرئيسية لجامعة القاهرة جاء نحوى أحد الأساتذة، وكان يبدو أنه ضيف، حيث سألنى عن الباص الخاص بإحدى الجامعات وعلمت منه أنه منتدب لإحدى كليات هذه الجامعة، وكانت أول مرة يحضر فيها. كان قد مضى من التيرم تقريباً نصفه وسألته إن كان سيستطيع إنهاء المقرر المنتدب له فأجابنى بأنه سيحاول، كما أخبرنى أنه وافق على الانتداب مجاملة لرئيس القسم، قد يؤدى ذلك إلى الخداع المزدوج، حيث يؤدى الأستاذ بصورة غير مناسبة، وبذلك نخدع الطالب، والطالب بدوره يخدع المجتمع، حيث يحصل على شهادة تفيد دراسته تلك المقررات بصورة كافية. فى بعض الأحيان يضطر القسم الذى ينتدب الأساتذة إلى مجاملة المنتدب فى بعض الأمور (فى نطاق ضيق) كى يضمن استمراره معهم دائماً لسد العجز. أعلم أنه إذا تم النظر فى هذا الأمر ورفع المقابل المادى نظير الانتداب فى الجامعات الحكومية قد يكون ذلك مدخلاً للمجاملات من قبَل من بيدهم الأمر من السادة الأساتذة، وذلك لإفادة بعضهم البعض أو لمصالح مشتركة، لكن دعونا لا نخاف هذا الأمر ونركز فى الرقابة والمساءلة ومحاسبة الذين يثبت عليهم مخالفة اللوائح والقوانين.